3-3 بزوغ بعض المهارات الحجاجية فى مراحل عمرية لاحقة

يوضح جدول (3-3) أن بزوغ تلك المهارات فى مرحلة الثانوى والجامعة بعدما لم تكن موجودة بصورة محددة فى مرحلة الإعدادي، مثلما يظهر شعر الشارب لدى الفتى بعد ما لم يكن له وجود فعلى، يعد أحد المؤشرات الارتقائية لمهارات المحاجة، وتتمثل أهم هذه المهارات فى "طرح مسلمات" كنقطة بداية ينطلق منها الفرد، والمسلمات كما هو معروف عبارة عن مطلب يتقدم به الرياضى ويقول سلموا لى بنقطة البداية هذه، وسوف يضطر ذهنكم طوال عملية الاستدلال الى قبول ما استنبطه منها (موى، 1967: 112-113)، وهى مهارة مهمة لأنها تعكس عملية استدلال معقدة تتم بهدف إقناع الأخر بوجهة نظر معينة،

 

جدول (3-3) المهارات الحجاجية فى المراحل العمرية اللاحقة

 

م

العينة

المهارة

الإعدادي

ك

الثانوي

ك

الجامعة

ك

1

طرح مسلمات

-

1

59

2

استخدام الأسئلة

-

8

52

3

عقد المقارنات

-

12

34

4

الاستدلال العكسى

-

-

32

5

الحلول التوفيقية

-

-

22

6

التفكير فى العواقب والمعوقات

-

-

20

7

الاستدلال التاريخى

-

2

11

8

الحجج التشخيصية العلاجية

-

-

10

9

التقييم الشخصى

-

-

9

10

التهكم

-

-

7

وكذلك مهارة "استخدام الأسئلة" فى المحاجة سواء كانت ذات طابع استفهامى أو استنكاري (12) لأنه من خلال الاستخدام الملائم للأسئلة يستطيع الفرد الحصول على والربط بين المعلومات الحالية والجديدة لتشكيل نظام من المعرفة (King, 1994)، وهو ما يحسن نوعية عملية المحاجة بطبيعة الحال ويجعلها أكثر خصوبة، ومما يشير الى أهمية الأسئلة أن عالم الفيزياء الشهير "ايزادور رابى" Isador Rabi  الحاصل على جائزة نوبل فى الفيزياء ذكر أن أمه كانت تسأله حين يأتي من المدرسة، وهو طفل، ليس ماذا تعلمت ولكن ما هى الأسئلة الجيدة التى سألتها اليوم؟ مما شجعه على تنمية العقل المتسائل لدية (Ibid.)، وظهرت أيضا مهارة استخدام "التهكم" (13)كوسيلة مفيدة فى المحاجة، وتنامت أيضا مهارة "الاستدلال العكسي"(14) والذى يعنى الانتقال للنقيض لإثبات صحة الحجة أي قلبها، وكذلك مهارة "عقد المقارنات" بين مواقف مختلفة للتدليل على صحة ما يذهب الفرد إليه.

ومن المعروف أن المماثلة كما يشير "جنتنر وهوليوك" آلية معرفية مفيدة تمكن الناس من إدراك أوجه الشبه، وفهم الموقف الجديد فى ضوء موقف

سابق أصبح مألوفا، وهى عملية مفيدة فى بناء الحجج وحل المشكلات (Gentner & Holyoak, 1997) وكذلك مهارة التوصل إلى "حلول توفيقية" لحسم الاختلاف حول المسألة، وهو مؤشر ارتقائي وصمام أمان لضمان عدم تفاقم النقاش وتحوله إلى نزاع ومن ثم صراع، وكذلك "الاستدلال التاريخى" وتوظيف المعلومات التاريخية لتقييم أدلة مدعمة للحجة، وهو ما يكشف عن سعة اطلاع الشخص.

  


 

(12) بدأ استخدام الأسئلة الاستنكارية على أيدي طلاب الجامعة كوسيلة للمحاجة مثل قول طالب ردا على قضية يجب منع الباعة الجائلين من الوقوف بالشوارع "لماذا نغلق بابا للرزق الحلال لأناس لم يجدوا ما يسد جوعهم واحتياجات بيوتهم؟"

(13) قالت إحدى طالبات الجامعة ردا على قضية ضرورة إعدام المدمنين فلا فائدة من علاجهم متهكمة بقولها "إذا كان الإعدام هو الحل الوحيد للتخلص ممن لا فائدة منه لفرغت الأرض من سكانها وقالت أخرى إذا أخذنا الأمور بهذه الطريقة فعلينا إعدام كل مرضى السرطان الذين لا أمل فى شفائهم".

(14) كنموذج لذلك النوع من الاستدلال أجاب أحد طلاب الثانوى ردا على قضية أن الدروس الخصوصية ضرورية لنجاح الطلاب وتفوقهم بقوله "أنها ليست ضرورية بدليل أن هناك طلاب أوائل على مستوى الجمهورية لا يعرفون طريقها وآخرون يأخذونها ولا يتمكنون من النجاح"